تعليق: هذه المرة .. الاتحاد الأوروبي يستسلم للحمائية

تعليق:

      أصدرت المفوضية الأوروبية حكمها الأولي بشأن التحقيق في مكافحة الدعم ضد السيارات الكهربائية الصينية يوم 12 يونيو الجاري، وكشفت عن أنها تخطط لفرض رسوم تعويضية مؤقتة تصل إلى 38.1٪ على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين. ويعد هذا نتيجة تدريجية منذ أن أطلق الاتحاد الأوروبي تحقيقًا تعويضيًا في السيارات الكهربائية الصينية في أكتوبر من العام الماضي. ومن المؤسف أن يكون هذا الاستنتاج غير عادل إلى حد كبير، فهو يظهر أنه عندما واجهت المفوضية الأوروبية الحقائق والقواعد والأخلاق، اختارت رفع الراية البيضاء ضد الحمائية التي يعارضها الجميع. ومن الواضح أن هذه الخطوة لن تلحق الضرر بالحقوق والمصالح المشروعة لصناعة السيارات الكهربائية في الصين فحسب، بل ستؤدي أيضا إلى تعطيل وتشويه سلسلة صناعة السيارات العالمية وسلسلة التوريد، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي.

      في الواقع، كان هذا "التحقيق" افتراضا بالذنب مع شعور قوي بالذاتية، ولم يتم إجراؤه وفقا لآلية التحقيق التي امتثلت لقواعد منظمة التجارة العالمية منذ البداية. وعلى الرغم من ذلك، تبنت صناعة السيارات الصينية موقف التعاون النشط مع التحقيق من منطلق المصلحة العامة المتمثلة في الحفاظ على سلامة واستقرار سلسلة صناعة السيارات بين الصين والاتحاد الأوروبي، وقدمت الشركات ذات الصلة المواد بعناية وفقًا لمتطلبات قسم التحقيق. ومع ذلك، خلال عملية "التحقيق"، اختار الجانب الأوروبي شركات العينة بشكل عمدي، وأساء استخدام قاعدة "الحقائق المتاحة"، وقام بتوسيع نطاق التحقيق بشكل تعسفي، وشوه نتائج التحقيق بشكل خطير. ولقد افتقر حكم المفوضية الأوروبية إلى الأساس الواقعي والقانوني، فبدلاً من القول إنه "استنتاج" للشركات الصينية، فهو دليل واضح على أن بعض الناس في أوروبا يقومون بتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية وتحويلها إلى سلاح.

      ويعتقد العديد من المحللين أن تحرك المفوضية الأوروبية لاستهداف صناعة السيارات الكهربائية في الصين بالتعريفات الجمركية يتبع إلى حد كبير خطى واشنطن. وقبل أقل من شهر فقط، أعلنت الولايات المتحدة أنها سترفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية من 25٪ السابقة إلى 100٪، كما اتخذت المفوضية الأوروبية تدبيرا عدائيا رسومًا على السيارات الكهربائية الصينية بعد فترة وجيزة، وهذا ليس من قبيل الصدفة. ولا يمكن لأي قدر من الرسوم الجمركية المرتفعة أن يحمي صناعة السيارات الأمريكية، كما لا يمكن لأي قدر من الرسوم الجمركية المرتفعة أن يحمي صناعة السيارات الأوروبية.

      في الواقع، ليس من الصعب التنبؤ بالضرر الذي سيلحقه هذا القرار بأوروبا. ففي السابق، أعربت ألمانيا والسويد والمجر بوضوح عن معارضتها لفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، وحذر المستشار الألماني أولاف شولتز بشدة من أن " الحواجز الجمركية المعزولة وغير القانونية... في نهاية المطاف تجعل كل شيء أكثر تكلفة والجميع أكثر فقراً." وبمجرد نشر المفوضية الأوروبية إعلان يوم 12 من الشهر الجاري، أثار على الفور الكثير من المعارضة في مجتمع الأعمال الأوروبي، وذكرت مجموعة فولكس فاجن أن التأثير السلبي لهذا القرار يفوق أي فوائد محتملة لصناعة السيارات الأوروبية وخاصة الألمانية، "نحن نرفضهم". وقال أوليفر زيبسي، رئيس مجموعة «بي إم دبليو»، إن فرض الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية يعد قرارًا خاطئًا، وإن الإجراءات الحمائية المماثلة لا يمكن أن تساعد الشركات على تحسين قدرتها التنافسية العالمية. وقالت ستيلانتيس إنها لا تدعم الإجراءات التي من تؤدي إلى تقسيم العالم.

      ويظهر إعلان المفوضية الأوروبية أنها ستفرض تعريفات إضافية لشركات بي واي دي وجيلي ومجموعة سايك موتور للسيارات بنسبة 17.4% و20% و38.1% على التوالي، ولمصنعي السيارات الآخرين 21% من التعريفات الإضافية. ويعتقد بعض المحللين أنه بالمقارنة مع التحرك المجنون الذي اتخذته الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السيارات الكهربائية الصينية، فقد اختار الاتحاد الأوروبي رقما "في مستوى الوسط" نسبيا، مما يشير إلى أنه استجاب لضغوط الولايات المتحدة على ناحية، وفي الوقت نفسه يأمل أن يتمكن السوق من "استيعاب" التعريف الجمركي الزائد هذا تلقائيًا وجعله "مقبولًا" دون الحاق بالضرر على نفسه. وهذه الفكرة خاطئة تماما، والسؤال ليس ما إذا كانت الشركات قادرة على "استيعابها" أو ما إذا كان السوق قادراً على "قبولها"، ولكن في مواجهة العولمة، والتجارة الحرة، والتنمية الخضراء، هل سيختار الاتحاد الأوروبي الوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ أو الجانب ضد التيار.

      وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول الأوروبية تأمل الآن بشكل سطحي في منع المنتجات الصينية من دخول السوق الأوروبية من خلال زيادة الضرائب، لكن نيتها الحقيقية تتلخص في اكتساب اليد العليا في جولة جديدة من المنافسة الشرسة وجلب سوق التوظيف من خلال التنمية الصناعية، وخلق الناتج المحلي الإجمالي. ولقد شهدت أوروبا العديد من الحروب التجارية في الماضي، وأثبتت التجربة التاريخية مراراً وتكراراً أن التعريفات الجمركية لا تشكل أبداً وصفة للحفاظ على القدرة التنافسية. وتحتاج هذه الدول إلى التعلم من الخبرة التاريخية وأن تكون أكثر بعد نظر حتى تتمكن من رؤية الآفاق الواسعة والفرص الهائلة للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي واغتنامها على الفور.

      وما أعلنته المفوضية الأوروبية في 12 من الشهر الجاري لم يكن سوى نتائج حكمها الأولي المقترح، وستكون هناك أحكام نهائية في وقت لاحق، وهذا يعني أيضا أن الحرب التجارية التي تم التحذير منها على نطاق واسع لا تزال تنطوي على احتمال الهبوط الناعم. ونحث الاتحاد الأوروبي على تصحيح ممارساته الخاطئة على الفور، والتنفيذ الفعال للتوافق المهم الذي تم التوصل إليه في الاجتماع الثلاثي الأخير بين زعماء الصين وفرنسا والاتحاد الأوروبي، والتعامل بشكل صحيح مع الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية من خلال الحوار والتشاور. وإن موقف الصين تجاه حل المشكلة صادق، وفي الوقت نفسه، سنولي اهتماما وثيقا بمتابعة التحرك الأوربي القادم وسنتخذ جميع التدابير اللازمة للدفاع بحزم عن الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية.